الأسباب الأخرى لإستقالة رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات

w1
مصدر الصورة: الانترنات

يبدو ان التكتّم الكبير الذي صاحب إعلان شفيق صرصار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من منصبه، والذي اكتفى بالحديث عن ''ان الخلاف داخل مجلس الهيئة لم يعد مجرد خلاف في طرق العمل، بل أصبح يمسّ القيم والمبادئ التي تأسست عليها الديمقراطية"، ثم عرّج على بعض التفاصيل المقتضبة لما تعج به الهيئة من تجاوزات، لن يطول كثيرا.
اذ حصلت منظمة انا يقظ على بعض المراسلات بين عدد من أعضاء هيئة الانتخابات والتي تترجم مدى "الانحدار السحيق" الذي بلغه البعض ممن تم انتخابه ليؤتمن على احد اهم مسارات الانتقال الديمقراطي، الا وهو المسار الانتخابي، فعجز عن إدارة خلافاته داخل هيئة دستورية يفترض فيها ان تكون المثال في الحوكمة الرشيدة وفي مأسسة النزاهة والشفافية.

فساد، فلفت نظر.. ثم تعنّت

تشير احدى المراسلات التي ارسلها صابر الزوق المدير التنفيذي السابق للهيئة الى العضو عادل البرينصي بتاريخ 31 مارس 2017 الى لفت نظر الزوق للبرينصي بانتهاء صلاحية شهادة تأمين السيارة الوظيفية صاحبة الرقم المنجمي 6058 تونس 175 والتي على ذمته، ناصحا إياه بعدم استعمالها الى حين تجديد شهادة التأمين، لتكون إجابة صاحب السيارة الوظيفية حبلى وعيدا وتهديدا، والاهم انها تضمنت اعترافا صريحا من العضو المسافر حينها خارج تونس باستعمال السيارة من قبل زوجته حيث كتب قائلا: ''انبهّك الى خطورة التصرفات التي تقوم بها من ذلك تعمدك ابلاغي بالموضوع في اخر وقت من يوم الجمعة الذي يسبق يومي عطلة وانت تعلم اني في مهمة بالخارج وان السيارة تركتها لزوجتي لنقل أبنائي الى مدارسهم وقضاء شؤون العائلة بعد ان عطّلت بتواطئ واضح تمكيني من سائق خاص كحق يتمتع أعضاء الهيئة.."

الملاحظ أيضا كم الغضب الذي تحمله مراسلة العضو الى المدير التنفيذي، متوسلا بمصطلحات من قبيل "الخبث المبطن" و"الخبير في التقصي المعلوماتي وجمع المعلومات عن كل عضو من أعضاء الهيئة" وجمل على غرار ''احمّلك نتيجة أي مكروه يحصل لعائلتي''  و"تعمدك اعلامي بالموضوع في هذا الوقت بالذات لانك تعلم ان السيارة بحوزة زوجتي وانا في الخارج اعاني الويلات نتيجة تعمدك انت ومن قرر معك حجز رحلة لتنقلي، طويلة ومتعبة"  و''كيف يمكن تأمينك على مسار انتخابي وانت لم تقدر على تأمين حياة عضو وعائلته كلّفت بتنفيذ قرارات منبثقة عن مجلس ينتمي إليه؟'' و'' لقد بلغ الامر منتهاه وان غدا لناظره قريب''. فكانت اجابة الزوق حرفيا: ''احترم جدا موقفكم ورايكم وتقييمكم. فقط اردت توضيح موقف الادارة التنفيذية التي تسعى دائما إلى أداء مهامها بأقصى درجة من النجاعة الممكنة وفي إطار احترام الاجراءات القانونية والادارية الجاري بها العمل.''

وقد تدخل نبيل العزيزي العضو المنتخب على التونسيين بالخارج على خط المراسلات ليبعث في نفس اليوم ببريد الكتروني الى أعضاء الهيئة معبرا عن تخندقه الى جانب البرينصي ورفضه لما اعتبره ''ضررا وازعاجا" تم اقترافه من قبل المدير التنفيذي.

تصاعد الصراع داخل الهيئة

تفيد مراسلة أخرى وجهها العضو عادل البرينصي الى عدد من الأعضاء الاخرين او الشق المناهض لرئيس الهيئة شفيق صرصار تطور الصراع داخل الهيئة من مجرد خلاف بين مدير تنفيذي وعضو منتخب الى انقسام واضح وتخندق وتعبئة وتحريض على اتخاذ مواقف صارمة من رئيس الهيئة.

 اذ عبر البرينصي عن امتعاضه من رفض صرصار المقترح المقدم من عدد من الاعضاء لبرمجة موضوع انهاء الحاق المدير التنفيذي قبل ان يتهم رئيس مجلس الهيئة بنشر المراسلات الداخلية وبث الفوضى وحث البعض الاخر على توجيه عريضة لمجلس الهيئة لمطالبته بالتراجع عن انهاء الحاق صابر الزوق.

يذكر ان عددا من الموظفين بالهيئة المستقلة للانتخابات قد امضوا على عريضة مساندة للمدير التنفيذي فتم انهاء التعاقد معهم، وهو ما يفسر حديث رئيس الهيئة عن وجوده ضمن اقلية مع اعتماد الشق الاخر من باقي الأعضاء على قرارات معدة مسبقا قبل عقد أي جلسة.

مرة اخرى يستنجد العضو عادل البرينصي بقاموس ترواح بين مصطلحات ''العمل المليشياوي'' و''عرائض المناشدة'' و''عمل النظام البوليسي البائد'' و''شاكر نفسه مر من هنا'' في حديثه عن رئيس الهيئة، ثم مر في مراسلته الموجهة الى بعض الأعضاء الى تحدي ''رئيس الهيئة ومديره التنفيذي" لاثبات ان السيارة التي على ذمته قد تمت قيادتها من قبل غيره خلال سفره.

وفضلا عم كشفت عنه مختلف المراسلات البينية لأعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من تلاسن وتدن للخطاب وتوتر في المعاملات فهي تميط اللثام عن جانب كبير من الأسباب التي دفعت بثلاثة أعضاء وجمع من الموظفين الى مغادرة سفينة هيئة الانتخابات في مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ تونس والتي تستعد فيها البلاد الى استحقاق انتخابي محلي مصيري في الانتقال الديمقراطي.


Iwatch

هذا المقال منشور على موقع أنا يقظ

تاريخ النشر: 2017-05-12 || 20:32

الرابط: https://www.iwatch.tn/ar/article/370