مرة أخرى يطرح ملف التزكيات اشكالا متعلّقا بجديتها وصحتها في آن واحد. فقد تلقت منظمة انا يقظ العشرات من الاتصالات والبلاغات المتعلّقة بتزكيات وهمية يفترض ارتكابها من قبل اثني عشر متقدما للترشح للانتخابات الرئاسية. اذ عبر عدد من المواطنين عن اكتشافهم لورود أسمائهم في قائمات التزكيات التي استظهر بها المرشحون للاستحقاق الانتخابي.
وقد أجمع أصحاب البلاغات على تعرّضهم الى عمليات تحيّل، وذلك عبر استغلال ارقام بطاقات تعريفهم واسمائهم وامضاءاتهم في قائمات التزكيات لمرشحين لم يتصلوا بهم أو يحصلوا على موافقتهم.
تزكيات دون علم اصحابها
ولئن تعتبر التزكيات حركة ارادية يعبّر فيها الناخب عن تشجيعه لهذا المرشح أو ذاك، فقد أصبح الأمر تحايلا على الناخبين بالزج باسمائهم في قائمات التزكيات المقدمة لهيئة الانتخابات، في سعي منهم للوصول الى السلطة عبر التدليس.
وتواترت الإتهامات الموجهة للمرشحين الآتي ذكرهم: ناجي جلول - حمة الهمامي -الهاشمي الحامدي – محسن مرزوق – لطفي المرايحي- مهدي جمعة – محمد الصغير النوري- الصافي سعيد – عمر منصور – عبيد البريكي – سعيد العايدي – قيس سعيد، بينما تأكد للمنظمة استغلال كل من حمة الهمامي ومحمد الصغير النوري لمعطيات شخصية لاثنين من هيئتها التنفيذية في قائمة التزكيات التي تم الاستظهار بها لدى هيئة الانتخابات.
ويشترط الفصل 4 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 18 لسنة 2014 مؤرخ في 4 أوت 2014 يتعلق بقواعد وإجراءات الترشح، تزكية المترشح من عشرة أعضاء من مجلس نّواب الشعب، أو أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحليّة المنتخبة، أو عشرة آلاف ناخب مر ّسم في سجل الناخبين موزعين على الاقل على عشر دوائر انتخابيّة تشريعيّة، على ألا يقل عددهم على خمسمائة ناخب بكل دائرة.
بيانات موظفي الشركة في خدمة المُرشح
من بين الروايات المتعلّقة بتزوير التزكيات، شهادة أحد المواطنين تحدث فيها عن اكتشافه رفقة زملائه الذين يشتغلون في شركة خاصة الى استعمال هوياتهم لتزكية مرشح معروف سبق ان شغل رئيسا للحكومة، بالتزامن مع ترشح مسؤولي هذه الشركة ضمن قائمات حزبية برئاسة نفس المرشح الرئاسي.
ويبدو ان العديد من المتقدمين للترشح للانتخابات الرئاسية قد اكتفوا بقواعد بيانات لأرقام بطاقات تعريف دون موافقة أصحابها لايهام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بحصولهم على 10 الاف تزكية، ليتم كشف هذا التحيل من قبل عدد من الناخبين الذين عن طريق بعث ارسالية قصيرة فيها *195*رقم بطاقة التعريف#.
في هذا السياق أشارت حسناء بن سليمان، عضو الهيئة العليا للانتخابات الى وجود قضاة ضمن من تم استغلال هوياتهم في تقديم تزكيات وهمية، داعية كل من تفطن الى الزج باسمه في التزكيات الى تقديم دعوى جزائية ضد المرشح.
لخبطة في تزكيات النواب
من جهة أخرى نشرت هيئة الانتخابات قائمة النواب المزكين، ليتبين تزكية بعض النواب لاكثر من مرشح للرئاسة في نفس الوقت على غرار نائبي حركة النهضة ماهر مذيوب، الذي زكى كل من المرشحين إلياس فخفاخ وحاتم بولبيار، وكريمة تقاز التي تقدمت بشكاية لهيئة الانتخابات لنفي تزكيتها للمرشح حاتم بولبيار
وعلى غرار انتخابات 2014، يثير مشكل التزكيات الوهمية جدلا واسعا لدى الناخبين دون ان يتم الحسم فيه سواء من قبل هيئة الانتخابات التي لم تطالعنا في بادئ الامر بأي إجراءات عملية ضد المرشحين المتحيلين ثم فتحت باب الاعتراض امام الناخبين الرافضين للزج باسمائهم في قائمات التزكيات او من قبل القضاء الذي يبدو انه لم يبت في الدعاوى الجزائية المرفوعة منذ 2014 أو حتى من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية اللتان لم تقدما أي مبادرة تشريعية للتصدي للمتلاعبين بالمعطيات الشخصية للناخبين.
حماية للمسار الانتخابي
وبالنظر للكم الهائل من التشكيات من تدليس التزكيات، يهم أنا يقظ دعوة كافة الناخبين الى التثبت من ورود أسمائهم في قائمات المزكين مع دعوة كل من تم الزج باسمه دون علمه الى التحرك سواء عبر رفع قضية جزائية أو التشهير بمن توسل بالتحيل والتزوير للوصول الى كرسي الرئاسة.
مع العلم ان الفصلين 172 و175 من المجلة الجزائية ينصان على ان يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية قدرها ألف دينار كل موظف عمومي أو شبهه وكل عدل يرتكب في مباشرة وظيفه زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص وذلك في الصور التالية :
- صنع كل أو بعض كتب أو عقد مكذوب أو بتغيير أو تبديل أصل كتب بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك بوضع علامة طابع مدلس به أو إمضاء مدلس أو كان بالشهادة زورا بمعرفة الأشخاص وحالتهم.
- صنع وثيقة مكذوبة أو تغيير متعمّد للحقيقة بأي وسيلة كانت في كل سند سواء كان ماديا أو غير مادي من وثيقة معلوماتية أو إلكترونية وميكروفيلم وميكروفيش ويكون موضوعه إثبات حق أو واقعة منتجة لآثار قانوني.
كما تحث المنظمة مختلف السلط لاتخاذ تدابير وإجراءات ردعية وقانونية لوضع حد لهذا الاسهاب المتواصل من قبل عدد من السياسيين في التلاعب بالمعطيات الشخصية للناخبين لتحقيق مآرب سياسية ضيقة، ما يمس من مسار الانتقال الديمقراطي.