عقدت منظمة أنا يقظ يوم الخميس 26 سبتمبر 2019 ندوة صحفية خصصتها لتقديم النتائج الأولية لملاحظة الحملة الانتخابية الرئاسية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أبرز ما خلصت له عملية الرصد دفع أموال إلى إدارة فايسبوك من أجل الإشهار ، فمن ضمن 299 منشورا، كان هناك 211 منشورا مدعوما بالإشهار، أي ما يقارب نسبة 70 بالمائة من المحتوى المرصود كان في شكل إشهار، وكان النصيب الأكبر للمترشح يوسف الشاهد ب89 محتوى في شكل إشهار يليه عبد الكريم الزبيدي ب52 منشورا ونبيل القروي ب22 ثم مهدي جمعة ب17 منشورا.
كما كشفت عملية رصد 198 صفحة و 299 منشورا عن وجود صفحات رسمية مساندة للمترشحين و صفحات موازية مساندة أو معادية و لا تكشف أحيانا عن مساندة مترشح واحد وهي التي تم تسميتها ب"صفحات الظل".
اختارت المنظمة رصد أنشطة 16 مترشحا على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك بالتوازي مع اعتمادها على فريق يتكون من سبعة ملاحظين لنشاط المترشحين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة امتدت من 21 يوم أوت إلى غاية 15 سبتمبر.
واعتمد فريق الرصد الذي لاحظ نشاط عينة المترشحين على مواقع التواصل الاجتماعي، ضمن مشروع يهدف إلى تقصي التضليل المحتمل المتعلق بالانتخابات على صفحات التواصل الاجتماعي وتحليل المعطيات لفضح الاثار السلبية المحتملة على الانتخابات وتخفيفها، على منهجية دقيقة في اختيار الصفحات التي ترتكز أساسا على تحديد ملامح الصفحات والقائمين عليها وتدقيق المنشورات ونوعيتها (بمقابل أو دون مقابل) إضافة إلى فحص الوقائع لتبين نوع المحتوى (إشاعة/ تحريض/ عنصرية..). و قد تم الإعتماد كذلك في تحليل البيانات على منصة CrowdTangle التي أتاحتها شركة الفايسبوك للباحثين في هذا المجال.
صفحات رسمية للإشهار السياسي
واجه فريق الرصد رغم تحديه منهجية واضحة لعملية الرصد، صعوبة في تحديد الصفحات الرسمية وذلك لأن أغلب صفحات المترشحين للانتخابات الرئاسية ليست رسمية بمعنى أنها ليست مصادقة من قبل فايسبوك، وهو ما يخلي نوعا ما مسؤولية المترشحين من أي تجاوز قد يسجل على هذه الصفحات.
لم تعتمد الصفحات الرسمية للمترشحين نسقا متشابها في النشر فبعض الصفحات كانت أكثر تفاعلا مقارنة بصفحات أخرى، كما تم رصد عدد من الصفحات الرسمية التي تعتمد الإشهار السياسي أو الدعاية المدفوعة أي أنه يتم الدفع لفايسبوك مقابل وصول المنشور السياسي إلى فئة وعدد معين من الجمهور، لكن لم يتمكن فريق الرصد من تحديد المبالغ المالية التي صرفت خلال تلك الفترة على المنشورات المدعومة من قبل فايسبوك لعدة أسباب أن خاصية "مكتبة الإشهار" التي يوفرها فايسبوك لا تتيح معطيات دقيقة في تونس مما لا يسمح بتقديم تقرير مفصل عن حجم الأموال التي صرفت في إشهار الدعاية على فايسبوك، وخلال عملية الرصد لوحظ انه ليس كل الصفحات تظهر على أنها دفعت مقابل منشورات سياسية دعائية.
من المهم جدا أن يتيح موقع فايسبوك تفاصيل عن الصفحات التي تدعم محتوى سياسي عن طريق الإشهار والتي تم تخزينها في "مكتبة الإعلانات" بعد انتهاء فترة الإعلان أو الإشهار، وبالتالي فإن عمل فريق أنا يقظ خلال عملية الرصد اقتصر على تسجيل صور تثبت أن محتوى تلك الصفحات مدعوم بإشهار، إضافة إلى أنه لم يتمكن من استغلال خاصية مكتبة الإعلانات كاملة للرجوع إلى المحتوى الإعلاني السابق لتلك الصفحات، ولكن من المهم بالنسبة للمترشحين للانتخابات الرئاسية أن يضمّنوا مصاريف الإشهار على فايسبوك في تقاريرهم المالية حتى يتبين الناخبون مدى شفافية حملاتهم الانتخابية .
صفحات الظل أو الدعاية السوداء
شملت عملية الرصد التي قام بها فريق أنا يقظ صفحات مساندة لمترشح أو مترشحين وأخرى تهاجم مترشحا/مترشحين وليس واضحا أية جهة تتبع، ولكن ما يمكن تأكيده أن "جيشا" إلكترونيا قد يكون جزء منه يتقاضى مقابلا ماديا من أجل تسويق صورة جيدة لمترشح معين أو لضرب مترشح أو عدد من المترشحين وذلك باستعمال طرق متنوعة تصل إلى حد ارتكاب جرائم مثل الدعوة للكراهية او التفرقة الجهوية، ويمكن على هذا الأساس تقسيم هذه الصفحات إلى نوعين وهي:
الصفحات المساندة التي تدعم بطريقة دائما مترشح أو مترشحين بعينهم، لكنها ليست صفحات رسمية، ويكون محتواها دعائيا. مثال: صفحة Tous avec Nabil Karoui تونس كلها مع نبيل القروي وصفحة عبد الكريم الزبيدي رئيسا للجمهورية وصفحة أصدقاء الأستاذ عبد الفتاح مورو وصفحة كلنا عبير موسي وصفحة مع مهدي جمعة 2019 وصفحة Go Djo
أما النوع الثاني فهو الصفحات التي تقوم بتشويه مترشح/ مترشحين والتي أنشأت بهدف مهاجمة مترشح/مترشحين، وغالبا ما يكون محتواها إشاعات أو مغالطة، وفي أغلب الأحيان، لا يمكن تبيّن الجهة التي تعمل هذه الصفحات لصالحها.
مثلا نشرت صفحة دوسيات التي تهاجم بوضوح المترشح عبد الكريم الزبيدي فيديو بعنوان "صناعة طرطور كشف أفراد قاعة العمليات النهضوية الخصاة بحملة عبد الكريم الزبيدي" كما نشرت صفحة حملة شعبية فيديو بعنوان "خطير: علاقة نبيل القروي بالشيعة".
إن ما يمكن تمييزه عند رصد محتوى هذين النوعين من الصفحات هو خطاب الكراهية والتحريض والتفرقة، فغالبا ما تنشر هذه الصفحات خطابا يحرض على التفرقة والكراهية ويهدف أو يدعو إلى تشويه مترشح أو مترشحين، وتشير التعليقات على هذا النوع من المحتوى إلى تفاعل كبير من قبل مساندين للمترشح المعني بالمحتوى، وأدى ذلك إلى حذف بعض الصفحات لكن صفحات أخرى لا تزال تنشط.
فصفحة لجنة مساندة يوسف الشاهد بالمرسى مثلا نشرت صورة ثلاثة مترشحين وهم يوسف الشاهد وقيس سعيد ونبيل القروي مصحوبة بتعليق يدعو إلى التصويت إلى الشاهد "ولد العايلة" وعدم التصويت ل"الجبورة".
والأخطر أن وسائل إعلام انخرطت في حملة التفرقة والتحريض، حيث نشرت صحيفة 24/24 في نسختها الورقية، والتي أعادت نشرها على الصفحة الرسمية للجريدة، مقالا تحريضيا بعنوان "العزابي ممثل الأرستقراطية التونسية قائد الحرب على ابن الجنوب".
تنتهج الصفحات المساندة (غير الرسمية) والصفحات التي تقوم بتشويه المترشحين على الإشهار لبعض منشوراتها السياسية، وتحتوي بعض هذه المنشورات على المغالطة فيما يمكن تسميته بالدعاية السياسية السوداء، ورغم أنه لا يمكن تحديد العلاقة بين الصفحات الرسمية للحملات الانتخابية وبين الصفحات المساندة لمترشح / مترشحين، أو معرفة من يقف وراء الصفحات التي تقوم بتشويه مترشحين، أو تحديد هوية من يقومون بإدارتها أو الجهات التي تقوم بالدفع من أجل الإشهار، مثال على ذلك صفحة الصافي سعيد - الصفحة الرسمية، هي ليست صفحة ولم يثبتها فايسبوك (not verified) وصفحة Mongi Rahoui - الصفحة الرسمية وصفحة Go djo الداعمة ليوسف الشاهد.
وقد خلص فريق أنا يقظ الذي قام بعملية الرصد إلى أنه:
- هناك صفحات جديدة نسبيا، وأخرى حذفت وظهرت صفحات جديدة مكانها
- أحيانا لا يمكن تحديد لمصلحة أي مترشح تعمل بعض الصفحات التي تقوم بمهاجمة مترشح/ مترشحين (مثال: صفحة مسكينة تونس - Meskina Tounes وصفحة تونس حرّة 7orra)
- تقوم الصفحات التي تهاجم مترشح أو مجموعة من المترشحين بنشر إشاعات أو معطيات مغالطة للرأي العام وأحيانا لوحظ أنه هناك نوع من التنسيق بين هذه الصفحات وصفحات أخرى تعيد نشر نفس الإشاعات أو المعطيات المضللة
- في الحالات التي تم رصدها، ارتكز خطاب الكراهية والتحريض على التمييز على أساس الطبقة الاجتماعية والجهوية والعرق والميول الجنسية للمترشح (مثال: صفحة لجنة مساندة يوسف الشاهد بالمرسى نشرت محتوى يهاجم مترشحين على أساس الطبقة الاجتماعية والانتماء الجهوي)
- الصفحات التي تم رصدها والتي تقوم بتشويه أو بدعم مترشح/ مترشحين هي منخرطة بالضرورة فيما يمكن تسميته بالدعاية السياسية المظلمة بما أن انتماءها غامض إضافة إلى انه لا توجد معلومات عمن يموّلها أو يدفع لها
- رصد فريق منظمة أنا يقظ صفحات كان محتواها الأساسي نشر عمليات سبر أراء غير قانونية (مثل صفحة إنتخابات تونس 2019- Élections en Tunisie وصفحة الانتخابات الرئاسية 2019)
- لاحظ فريق منظمة أنا يقظ أنه تم استعمال موقع ويكيبيديا للتلاعب بمعلومات خاصة بالمترشحين سواء عن طريق حذف بعضها أو إضافة معطيات خاطئة أو استعمال الثلب داخل المقال (مثال صفحة نبيل القروي علة ويكيبيديا وصفحة يوسف الشاهد) وذلك دون استعمال هويات أو أسماء واضحة، وقد اضطر المساهمون في كتابة محتوى موقع ويكيبيديا إلى حذف المعلومات التي لم تكن مدعومة بمصدر مثلما حصل في صفحة نبيل القروي وسيف الدين مخلوف.
سوف تواصل منظمة أنا يقظ رصد الحملات الانتخابية التشريعية على موقع فايسبوك سواء كانت على الصفحات الرسمية للقائمات المترشحة أو من خلال "صفحات الظلّ" طيلة فترة الانتخابات، وسيتضمن التقرير النهائي نتائج عملية الرصد والتوصيات التي ستتقدم بها منظمة أنا يقظ إلى كل الأطراف المعنية بالانتخابات.