يندرج هذا المقال ضمن سلسلة من المقالات التي نشرتها منظمة "أنا يقظ" في محاولة لتفكيك شبكة الحماية التي يتمتع بها السيد وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم.
ولئن تعرضنا سابقا الى علاقته بالوسط السياسي وطموحاته السياسية التي لم ينفها قط. فإننا في هذا المقال سنتطرق الى شبكة لا تقل تأثيرا عن السياسة ومن شانها تفسير البطء الذي يشوب التعامل القضائي مع ملفات الجامعة. فبين تصريحات رئيس الجامعة الذي ينفي كل التهم والشبهات ولا يقر بوجود أي سوء تصرف، وبين مؤسسات الدولة التي أصدرت التقارير التي تثبت جدية ما نسب، ظلت القضية في منأى عن المسائلة والحقيقة.
وفي هذا الإطار، رصدنا العديد من شبهات تضارب المصالح المسكوت عنها بالوقائع وبالنص والتي تتعلق بالسادة القضاة الذين يشغلون مهام ومناصب في الوسط الرياضي الكروي.
ونخص بالذكر كلا من:
السيد معز البوراوي*، رئيس لجنة كرة القدم المحترفة ورئيس لجنة الشبان بالرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة والذي يشغل في نفس الوقت منصب مساعد اول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
السيد علالة رحومة، المساعد الاول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي والذي صار على إثر الحركة القضائية الاخيرة قاضيا من الرتبة الثالثة بالوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف وهو في نفس الوقت عضو لجنة الانضباط والروح الرياضية بالجامعة منذ 2016.
السيد مهدي بالحاج خليفة، نائب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات بالجامعة والذي تم تعيينه خلال الحركة القضائية 2018-2019 مساعدا لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس.
السيد هيكل المسعودي، نائب رئيس اللجنة الوطنية للأخلاقيات، عين خلال الحركة القضائية 2018 مساعدا أولا لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية ببن عروس بعد ان شغل نفس المنصب في محكمة منوبة سابقا.
السيد سامي الصمادحي، العضو في اللجنة الوطنية للاستئناف بالجامعة وفي نفس الوقت الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بمنوبة.
هذا وان لم يتأكد للمنظمة تأثير وضعيات تضارب المصالح التي يعيشها القضاة السالف ذكرهم على السير العادي للقضايا المرفوعة ضد ملفات الجامعة ورئيسها، فإن هذا لا ينفي في صورة استمرار هذه الظاهرة، إمكانية حصول ذلك. وهو ما من شأنه تفسير البطء القضائي في التعامل مع هذه الملفات.
حيث اننا ندرك أن السادة القضاة لم يصرحوا بنشاطهم في الجامعة في إطار التصريح بالمصالح نظرا لكون الاستمارة المضبوطة بمقتضى احكام الأمر الحكومي عدد 2018 المتعلق بضبط أنموذج التصريح بالمكاسب والمصالح والتي يتم ملؤها لدى مصالح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لا تطرح أسئلة عن الأنشطة الغير مهنية للمعنيين بالتصريح والتي من شأنها أن تشكل وضعيات تضارب مصالح في منتهى الخطورة.
كما أن تعويل المشرع على وعي المعنيين بهذا القانون يحتم عليهم المبادرة من تلقاء أنفسهم بإعلام اداراتهم وكذلك استشارة الهيئة كلما وجدوا أنفسهم امام ملف يتعلق بمصالحهم الخاصة. ومن باب أولى وأحرى أن يقوم السادة القضاة بالقدح في أنفسهم واعلام سلطة الاشراف كلما وجد احتمال تضارب مصالح وذلك عملا بمقتضيات القانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الاثراء غير المشروع وتضارب المصالح الذي جاء في فصله الخامس والعشرين ما يلي "يجب على الأعوان العموميين عند وجود شبهة تضارب مصالح، أثناء ممارسة واجباتهم المهنية، إعلام الرئيس المباشر أو سلطة الإشراف بحسب الحال إن وجدت. ويتعين عليهم الامتناع عن أخذ القرار أو المشاركة في اتخاذه إذا علموا أنهم باتخاذهم للقرار أو بالمشاركة في اتخاذه يكونون في وضعية تضارب مصالح."
بالإضافة الى افتقار انموذج التصاريح الى تفاصيل هامة تتعلق بأنشطة منظوري القانون، فإنها كذلك لا تقتفي أثر كل العلاقات العائلية التي من الممكن أن تنتج وضعيات تضارب مصالح. بل تقتصر على السؤال عن مكاسب وأنشطة القرين والحال ان الروابط العائلية أكثر تشعبا من ذلك. ولعل شبهة تضارب المصالح التي تتعلق بالسيد وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وشقيقه السيد وجيه الجريء الرئيس الشرفي للاتحاد الرياضي ببن قردان أبرز مثال على ما ذكر. حيث أن الاشكال يتجاوز ملف الجامعة ويطرح العديد من المآزق القانونية التي تحتم مراجعة النصوص والتفطن الى كل النقائص لتفادي الهناة مستقبلا.
لذا تدعو المنظمة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى ممارسة مهامها الرقابية المتعلقة بالتوقي من تضارب المصالح وذلك من خلال توجيه التنبيهات اللازمة لكن من يثبت لديها وجوده في وضعية تضارب مصالح. كما تدعو كلا من المجلس الأعلى للقضاء والتفقدية العامة بوزارة العدل لإنجاز التحقيقات اللازمة المتصلة برصد انشطة القضاة التي من شأنها التأثير على نزاهة القضاء واستقلاله. فمما لا يخفى على الوسط القضائي أن مثل هذه الوضعيات من المحتمل ان تسهم في تعطيل سير الأبحاث أو الحيلولة دون انطلاقها.
*تحيين يشغل السيد معز بوراوي منصب رئيس لجنة الإعلام والناطق الرسمي بإسم الرابطة. المعلومات الموجودة على موقع الجامعة التونسية لكرة القدم غير محينة.