بــــيان: قيس سعيد يواصل وضع اللبنات الأولى لدكتاتوريته الشعبوية

| 0 مشاركة
w1
تونس في 21 سبتمبر 2022
 
بــــيان: منظمة أنا يقظ: قيس سعيد يواصل وضع اللبنات الأولى لدكتاتوريته الشعبوية
تعتبر منظمة أنا يقظ أن المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال ليس إلا مرسوما يضع سيف القمع والخوف على رقاب المواطنين والصحفيين ويؤسس لرقابة وصنصرة ذاتية تمس من الحقوق الكونية للإنسان المضمنة بالاتفاقيات الدولية كالحق في التفكير والتعبير عن الرأي والحق في الخصوصية، إذ أن هذا المرسوم يجبر جميع مزودي الاتصال على حفظ جميع البيانات المتعلّقة بحركة الاتصال والأجهزة الطرفية للاتصال ليطال الحفظ حتى الموقع الجغرافي للمستعمل وذلك لمدّة لا يمكن أن تقلّ عن السنتين وهو ما يجعل من المواطن مراقبا مدى الحياة مع حرمانه من حقه في حياة خاصّة.
إن هذا المرسوم الذي جاء في وقت تواترت فيه الاعتداءات على الصحافة والصحفيين في الآونة الأخيرة ليس إلا وسيلة للتضييق على الاصوات المعارضة للمسار الأحادي الذي يسير على دربه رئيس الجمهورية وآلية لتكميم الأفواه إذ أن الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم جاءت بعبارات فضفاضة ذات محتوى متغيّر كــ "بث الرعب بين السكان والإضرار بالأمن العام" وهو ما يتعارض ومبادئ القانون الجزائي وخاصة منها المبدأ المتعلّق بشرعية الجرائم والعقوبات والذي يستوجب الدقة في تحديد أركان الجريمة، بالإضافة إلى أنّ النصّ لا يحدد ماهية "الأخبار الكاذبة"، ولا المعايير أو الشروط التي يجب اتباعها لتحديد ما إذا كان الخبر كاذبا وهو ما سيفتح أبواب التأويل على مصراعيها ويمنح سلطة تقديرية واسعة ومخيفة للإدارة. فعوض البحث عن آليات تعديلية لوسائل التواصل الاجتماعي تلجأ الدولة للحلول الزجرية السهلة وتعبئة السجون بمرتكبي "جرائم" النشر.
 
كما أن هذا المرسوم تمادى في وضع العقوبات بصفة لا تتناسب والجريمة إذ أنه يعاقب من يقوم بتسريب إشاعة أو خبرا بأشدّ من عقاب من يقوم بالإيهام بجريمة، وهو ما يمثل انتهاكا صارخا لحرية التعبير والإعلام ويجعل من الصحفيين عرضة للتبعات العدلية جراء مواقفهم وتصريحاتهم. كما أن هذا المرسوم سيساهم في تدهور ترتيب تونس في مؤشر حرية الصحافة الذي شهد سنة 2022 تدحرُجا إلى المرتبة 94 من أصل 180، بعد أن كانت احتلت المرتبة 73 في عام 2021.
 
إن هذا المرسُوم لا يكشف سوى تناقضات صاحبه الذي أنزل علينا دستورا لينزل علينا فيما بعد مرسوما يناقضه ويضرب به عرض الحائط جميع تلك الفصول التي ورثها من دستور 2014، خاصّة منها الفصل المتعلّق بالملاءمة والتناسب بين القيود الموضوعة على الحقوق، والحريات، ودواعي وضعها. كما لا يفوت منظمة انا يقظ أن تذكر أن هذا المرسوم ليس إلاّ نسخة أكثر تشويها من مشروع القانون الذي تم اقتراحه من قبل الحكومة سنة 2015 والتي كان للمجتمع المدني آنذاك دورا هاما في عدم المصادقة عليه وختمه.
 
وبمناسبة إصدار المرسوم 55 لسنة 2022 المتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء ثلاثة أشهر فقط قبل يوم الاقتراع ضرب رئيس الجمهورية قيس سعيد بذلك عرض الحائط جميع الممارسات الفضلى المتعارف عليها دوليا والمتعلّقة باستقرار القواعد القانونية المتعلقة بالانتخابات سنة على الأقل قبل يوم الاقتراع، ولم يكتف رئيس الجمهورية بذلك بل أرسى صلب مرسومه نظاما إقصائيا وقبلياً يتجلى في إقصاء غير مباشر للنساء والشباب من الترشح للانتخابات التشريعية والفوز بمقاعد نيابية بعد أن كان إدماج النوع الاجتماعي في الحياة السياسية مكسبا من المكاسب التي ظفرت بها تونس بعد عناء وجهد.
كما طال الاقصاء أيضا الاقليات في تونس من مواطنين تونسيين مجنسين من غير أبوين تونسيين ومن مواطنين حاملين لأكثر من جنسية داخل الجمهورية، ليصبح بذلك حق الترشح حكرا على فئة معينة من المواطنين في مخالفة صريحة لمبدأ ضمان حق الترشح والمساواة بين جميع المواطنين.
 
كما تعتبر منظمة أنا يقظ أن نظام الاقتراع على الأفراد لن يعزّز إلاّ النزعات القبلية والجهوية وسيضمنلأصحاب المال والنفوذ مكانا صلب المجلس خاصّة وأن المرسوم أتاح ولأول مرّة الية استعمال الوسائط الاشهارية في الانتخابات التشريعية، كما أن الية التزكيات للترشح لن تكون إلا مدخلا لأصحاب النفوذ والمال لشراء التزكيات. إن هذا النظام حسب أحكام المرسوم لن ينجرّ عنه إلاّ مجلس لنواب المعتمديات وليس للشعب إذ أن تقسيم الدوائر الانتخابية استنادا على المعتمديات يجعل من النائب نائبا للمعتمدية فحسب خاصّة وأنه سيبقى أسيرا لناخبي الدائرة المترشّح عنها خوفا منهم من سحب الوكالة عنه. كما أن تقليص اجال التقاضي فيما يتعلّق بنزاع الترشح بالنسبة للمتقاضين ليست إلا تضييقا ممنهجا على الحق في التقاضي.
ولا يفوت منظّمة أنا يقظ أن تذكر بأن مجلس نواب الشعب الذي ستفرزه الانتخابات القادمة وبغضّ النظر عن النظام الانتخابي المنطبق لن يشكل إلا "وظيفة "صورية تم إفراغها بمقتضى دستور 25 جويلية 2022 من كلّ سلطاتها وصلاحياتها ولن يكون إلا مجلسا يأتمر بأوامر الحاكم الواحد الأوحد رئيس الجمهورية.
 
كما تذكّر المنظمة بموقفها من الهيئة العليا "غير المستقلة " للانتخابات التي ستشرف على هذا المسار والتي أثبتت ضعفها وعدم كفاءتها خلال استفتاء 25 جويلية 2022 وانحيازها لرئيس الجمهورية وائتمارها بأوامر السلطة المعيّنة لها، ضاربة عرض الحائط مبادئ النزاهة والحياد والشفافية الموكلة لها قانونا، ونجدد دعوتنا لإقالة كامل أعضائها وبعث هيئة مستقلة فعلياً تحظى بثقة جميع المترشحين وتبسط سلطتها وولايتها على كامل المسار الانتخابي.