ترمي هذه الدراسة إلى تحليل نظام النزاهة الوطني الذي يقوم على تبيّن درجة اعتماد الشفافية والنزاهة في المؤسسات الرئيسية التي تلعب دورا هاما في محاربة الفساد في تونس، معتمدين في ذلك على منهجية تقييمية تربط بين ما هو كمي ونوعي ينظّم شتاتهما روابط منطقية وقانونية منظمة تفضي إلى نتائج سائغة لزوما.
هذا وتندرج هذه الدراسة ضمن انخراط تونس في الحركة العالمية للتقييم نسب النزاهة المعتمدة في المؤسسات الرئيسية للدولة التونسية مستجيبين في ذلك لدواعي منهجية موحدة للتقييم في أكثر من 100 دولة حيث يشكل هذا التقييم جزءا منه والذي نبحث من خالله عن النقائص التي تشوب مجموعة من المؤسسات الحيوية وتقديم التوصيات في شأنها بضبط قائمة األولويات الملّحة لتعزيز االصالح المستدام والفعال صلبها.
وفي إطار هذا النهج الجديد تمّ تسليط الضوء على األسس السياسية االقتصادية والسوسيو ثقافية لعالقتها الوثيقة بتحقيق مجموعة من المبادئ األساسية والمتمثلة في الديمقراطية، التنمية االقتصادية وحقوق اإلنسان التي تمثل أعمدة نظام النزاهة الوطني والذي نستطيع من خالله تبيّن جديّة الدول في خلق آليات لمكافحة الفساد.
وتعتبر هذه الدراسة نتيجة ملّحة خاصّة بعد صدور مؤشرات مدركات الفساد لسنة 2013 و2014 التي تبيّن استفحال هذه اآلفة وتوّغلها في دواليب الدولة التونسية.
وللوقوف على ما تمّ بيانه آنفا ارتأت الحاجة تقييم اإلطار القانوني، الممارسات ووسائل العمل المتوفرة ألعمدة نظام النزاهة الوطني التي يمكن من خاللها أن نستشف درجة اعتمادها للحوكمة الرشيدة واحترامها لسلطان القانون. ولمجموع هذه األسباب أشرفت منظمة "أنا يقظ" ومنظمة الشفافية الدولية على انجاز هذا التقييم الذي يعتبر األول بالنسبة للدولة التونسية، في حين تعود بلورة المقاربة المتعلقة بنظام النزاهة الوطني ألواخر التسعينات التي تمّ خاللها تقييم نظام أكثر من 80 دولة من دول العالم والذي وقع اعتماده كأساس ألنشطة المناصرة لدى الحكومات ولحمالت نشر الوعي في صفوف المواطنين وذلك باعتباره آلية لتحليل فاعلية المؤسسات التي تضطلع أو قد تضطلع بدور في مكافحة الفساد ومقارنتها بمثيالتها في الدول األخرى.