خطت تونس خطوة مهمة في مسار تكريس الحكم المحلي بعد المصادقة على قانون مجلة الجماعات المحلية وبعد اجراء أول انتخابات بلدية تعددية وديمقراطية، وحيث ارتكز التأسيس للحكم المحلي في دستور تونس على أساس مقاربة ثورية تقوم على الحدّ من سلطة الدولة المركزية التي فشلت في تلبية حاجيات وتطّلعات المواطن في الجهات، ونقل الصلاحيات في المقابل الى جماعات محلية تتمتع فعليا بالاستقلالية والحريّة في إدارة شؤونها.
وحيث أن معادلة تكريس مبدأ التدبير الحر للسلطة المحلية المنتخبة ليست فقط مشروعا إداريا يقضي بنقل السلط من هيكل وطني الى اخر محليّ بل هي مشروع إصلاحي مجتمعي مدني وسياسي يستهدف السلطة عبر تجسيد قواعد الديمقراطية المحلية والتشاركية والحوكمة المفتوحة وفق منهج قانوني يعتمد التدرّج.
وحيث أنّ الحكم المحلّي ليس هدفا في حدّ ذاته وإنما هي وسيلة لتطوير الخدمات للمواطن وخاصة لإشراكه في الحكم والتسيير والتخطيط للمستقبل.
وحيث أقرّ الدستور وقانون الجماعات المحلية بإلزامية اعتماد الجماعات المحلية لآليات الديمقراطية التشاركية ومبادئ الحوكمة المفتوحة لضمان إسهام أوسع للمواطنين والمجتمع المدني وهو ما لم يقع احترامه من السلط المركزية التي أقرت بالأمر الحكومي عدد 744 المؤرخ في 23 اوت 2018 المتعلق بالمصادقة على النظام الداخلي النموذجي للمجالس البلدية في الفصول 62 و64 من النظام الداخلي النموذجي المقترح، الحد من حق المواطنين في الحضور في حدود المقاعد المتوفرة بقاعة الجلسة والحد من حق المواطنين والمجتمع المدني في تسجيل وتصوير الجلسات وتمريرها مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحيث بذل المجتمع المدني الكثير من الجهد وخاض العديد من المعارك مع السلطة حتى يفرض استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة حتى يتابع المواطن بصفة حينية ومباشرة النقاشات التي تدور داخل البرلمان في الجلسات واللّجان وهو ما من دوره أن يغرس في المواطن ثقافة المتابعة والمسائلة وهو ما من شأنه أيضا أن يدفع الشباب لمزيد الانخراط في الشأن العام.
وعلى هذا الأساس تقدمت منظمة أنا يقظ بدعوى لدى المحكمة الإدارية في تجاوز السلطة ومطلب في إيقاف التنفيذ ضد الأمر الحكومي سابق الذكر بتاريخ 05 أكتوبر بهدف إلغاء الفصول 62 و64 من النظام الداخلي النموذجي باعتبار دخولهم حيز النفاذ الى حين مصادقة المجالس البلدية الحرة والمنتخبة على أنظمتها الداخلية.
وحيث عولت منظمة أنا يقظ على نضج المجالس البلدية في اعتماد أنظمة داخلية تشاركية وديمقراطية تكريسا لروح الحكم المحلي القائم بالضرورة على الانفتاح والتشارك الفعلي والديمقراطي بين المواطن والسلطة المحلية في أخذ القرار، الشيء الذي لم تذهب فيه المجالس البلدية حيث تبنى عدد منهم النظام النموذجي الوارد بالأمر الحكومي عدد 744 كما هو دون التعديل فيه رغم معرفتهم بما جاء به في فصوله 64 و62.
وعليه تدعو منظمة أنا يقظ المجالس البلدية التي لم تصادق بعد على أنظمتها الداخلية لعدم تبني الفصول 62 و64 من النظام الداخلي النموذجي الوارد بالأمر الحكومي عدد 744 كما تدعو المجالس البلدية التي صادقت على أنظمتها الداخلية والتي تبنت الفصل 62 و64 سابقي الذكر الى العدول عن هذا القرار وتنقيح أنظمتهم الداخلية المخالفة للدستور ومبادئ الحكم المحلي مع أقرب جلسة يلتئم فيها المجلس مثل ما تعهد به رئيس لجنة الديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة والاعلام والتواصل والتقييم لبلدية قليبية في مكالمة هاتفية مع ممثل أنا يقظ.
كما تدعو منظمة أنا يقظ المجتمع المدني للتحاور أولا مع المجالس البلدية للضغط نحو تعديل مسار الديمقراطية المحلية وللقيام بكل الإجراءات القانونية الممكنة للتصدي لمثل هذه الممارسات التي خلنا أنها ولت ولن تعد.