هادي خيري والديوانة: شبهات تدليس وتحيل واستغلال نفوذ

| 0 مشاركة
w1

كنا في جزء أول قد تعرضنا إلى شبهة توظيف السيد هادي خيري (وزير الصحة المقترح في التحوير الوزاري الأخير) لشبكة العلاقات و المصالح التي كونها بحكم منصبه كرئيس قسم بمستشفى جامعي وعميد كلية الطب بسوسة للتأثير على مسار ملف القتل العمد المتعلق بشقيقه المتهم.

وفي هذا الجزء من تحقيقنا الصحفي الاستقصائي، نتعرض إلى شبهات تتعلق بشبهة تزوير سجلات تابعة للديوانة التونسية وافتعال وثائق وتدليس ومسك وستعمال مدلس تورط فيها كذلك السيد هادي خيري وزير الصحة المقترح بتواطؤ من إطارات ديوانية وقضائية.

 وزاد هذا التحقيق من شكوكنا حول نفوذ السيد هادي خيري داخل الأوساط القضائية في سوسة وتطويعه لمرفق العدالة بالجهة.

تسوية وضعية ديوانية لسيارة دون علم صاحبها

تعود أطوار القضية إلي اكتشاف أحد أقارب السيد هادي خيري أنه تم تغيير اللوحة المنجمية لسيارته رباعية الدفع  4x4 من نظام توقيفي (ن.ت) إلى سيارة ذات ترقيم منجمي تونسي وذلك دون علمه ودون تفويض منه لأي شخص. وتقدم المعني بالأمر يوم 9 نوفمبر 2015 بإذن على عريضة عن طريق عدل منفذ وجهه إلى هشام الميلادي المدير الجهوي للديوانة بسوسة الذي رفض تمكينه من نسخة من محضر تسوية الوضعية الديوانية للسيارة بتعلة أن ملف السيارة "غير موجود" حسب مراسلة رسمية بتاريخ 12 نوفمبر 2015.

وأمام رفض إدارة الديوانة، توجه صاحب السيارة إلى الإدارة الجهوية للوكالة الفنية للنقل البري بسوسة أين تمكن من الحصول على ملف تغير اللوحة المنجمية للسيارة والبطاقة الرمادية الجديدة بالإضافة إلى شهادة التسجيل الصادرة عن الإدارة الجهوية للديوانة بسوسة التي تحمل إمضاء كل من السيد و.ز موظف بالشباك الموحد للديوانة والعقيد ح.ش مسؤول عن الشباك الموحد. وبناء على المعلومات التي قدمتها الوكالة الفنية للنقل البري توجه صاحب السيارة بتاريخ 19 نوفمبر 2015 بمطلب ثان عن طريق عدل منفذ إلي المدير الجهوي للديوانة بسوسة من أجل تمكينه من ملف تسوية وضعية السيارة الذي رفض للمرة الثانية تمكينه من الوثائق.

إدارة الأبحاث الديوانية على الخط: المفاجأة

 قررت إدارة الأبحاث الديوانية فتح تحقيق إداري عدد 209/2016 تم على اثره سماع صاحب السيارة بتاريخ 23 مارس 2016 على اثر شكاية تقدم بها بتاريخ 4 مارس 2016. والمفاجئ في الأمر أنه تم إعلام صاحب السيارة أنه تم تسجيل خروج ودخول السيارة باتجاه الجزائر عن طريق المعبر الحدودي بوشبكة عندما كانت تحمل لوحة منجمية (ن.ت) علماً وأن القانون يمنع أي شخص، باستثناء صاحبها، من قيادة سيارة حاملة للوحة منجمية (ن.ت) من عبور الحدود التونسية. هذا وتحصلت منظمة أنا يقظ على نسخة من كشف تنقلات صاحب السيارة خلال تلك الفترة تثبت عدم تجاوزه الحدود التونسية بالإضافة إلى عدم صلوحية جواز سفره تاريخ تجاوز السيارة الحدود التونسية. فكيف تمكنت السيارة من اجتياز الحدود بهذه السهولة في خرق واضح للقانون؟ وهل تم التلاعب بسجلات الديوانة؟ 

وعلى اثر انتهاء سماع صاحب السيارة قررت إدارة الأبحاث الديوانية إصدار برقية تفتيش عدد 3844 في السيارة موضوع النزاع حيث تمكنت فرقة الحرس الديواني يوم 10 جوان 2016 من حجز السيارة لدى المحامي السيد جمال حاجي الأخ الشقيق لوزير الصحة المقترح السيد الهادي خيري الذي لم يقبل تسليم السيارة إلا بعد تدخل النيابة العمومية.

وتمكنت منظمة أنا يقظ من الحصول على نسخة من محضر الحجز عدد 141/2016 والتقرير عدد 650100/432 حيث رفض جمال حاجي تسليم مفتاح ووثائق السيارة لفرقة الحرس الديواني بسوسة. وقامت فرقة الأبحاث والتفتيش بإيداع محاضر الحجز لدى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائىة بسوسة بتاريخ 13 جوان 2016. وتم بتاريخ 11 جويلية 2016 توجيه استدعاء من قبل إدارة الأبحاث الديوانية عن طريق العمادة الوطنية للمحامين للسيد جمال حاجي الذي لم يتم سماع أقواله للتحري في أسباب تحوزه بالسيارة موضوع النزاع وذلك إلى حدود كتابة هذه الأسطر حسب ما أمكن لنا معرفته.

 كما وجه صاحب السيارة بتاريخ 5 أكتوبر 2016 إذناً على عريضة من المحكمة الابتدائية بتونس من أجل الحصول على نسخة من ملف تسوية الوضعية الديوانية للسيارة إلى الإدارة العامة للديوانة تحت إشراف المدير العام السابق عادل بن حسن وإدارة الأبحاث الديوانية تحت إشراف وحيد السعيدي اللذان رفضا مرة أخرى تنفيذ إذن قضائي بتمكين صاحب السيارة من الملف كاملاً.

ما علاقة وزير الصحة المقترح السيد الهادي خيري بالملف؟

تحصلت منظمة أنا يقظ على نسخ من محاضر سماع لأعوان في سلك  الديوانة بوصفهم "ذوي شبهة" من قبل فرقة الحرس الوطني بسوسة في قضية تورط فيها وزير الصحة المقترح السيد الهادي خيري تتمثل في افتعال وثائق سيارة وتغيير صبغتها وتدليس ومسك واستعمال مدلس في شهر أكتوبر 2018، حيث تبين من خلال الأبحاث أن عميد بالديوانة يدعى م.ب اتصل بمسؤول في  الشباك الموحد بالإدارة الجهوية للديوانة بسوسة رفقة ممرض يعمل بقسم طب النساء والتوليد بمستشفى فرحات حشاد بسوسة أين طلب منه العميد تسليم شهادة في تسوية وضعية ديوانية لسيارة  خدمة لهادي خيري عميد كلية الطب ورئيس قسم طب النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي بسوسة خلافا للتراتيب القانونية المعمول بها.

وذكر أحد الأعوان  في شهادته أن العميد م.ب كان قد قدم الممرض بوصفه "مبعوثاً من طرف الدكتور الهادي خيري" كما أكد بنفسه في الشهادة التي تحصلت عليها منظمة أنا يقظ أن العميد "على علاقة وطيدة بالهادي خيري وهو احد اصدقائه المقربين"، وهو ما أكده أيضا في شهادته موظف أخر في سلك الديوانة  الذي أكد أنه لم يقع  اتباع إجراءات سليمة لتغيير صبغة السيارة والتي لم تكن على ملك السيد الوزير المقترح  وأن "الهادي خيري هو من اتصل بالعميد  م .ب  وطلب منه تسهيل الإجراءات الديوانية".

هذا وتحصلت منظمة أنا يقظ أيضا على نسخة من محضر سماع الممرض الذي قام بتغيير صبغة السيارة الذي أكد كذلك أنه قام بهذه العملية "بطلب من رئيسه المباشر في العمل الهادي خيري بحكم العلاقة الخاصة التي تجمعهما ونظراً لكثر انشغالات الدكتور في قسم طب النساء والتوليد بمستشفى فرحات حشاد بسوسة".

غياب للمحاسبة وإفلات من العقاب

تشير وقائع هذا الملف إلى شبهة استغلال السيد الوزير المقترح لمنصبه داخل مستشفى فرحات حشاد ومكانته الاعتبارية من أجل توريط أحد الممرضين في قضية افتعال وثائق سيارة وتغيير صبغتها وتدليس ومسك واستعمال مدلس بالإضافة إلى استغلال شبكة علاقاته الواسعة داخل سلك الديوانة من أجل التدخل لمخالفة الإجراءات القانونية. فإن كان السيد هادي خيري قام بهذه الفعلة بوصفه رئيساً لقسم في مستشفى جامعي، فما الذي يمكنه القيام به عندما يصبح وزيراً للصحة؟

وقد علمت منظمة أنا يقظ كذلك أنه وبالرغم من كل هذه التجاوزات الخطيرة المثبتة في تقارير أمنية ومحاضر سماعات لأعوان الديوانة فقد تم حفظ القضية ولم يتم ردع المتورطين في الاستيلاء على السيارة وتغيير صبغتها  ولا محاسبة المسؤولين بالديوانة خاصة وأن السيد يوسف الزواغي وزير العدل المقترح كان يشغل حينها منصب مدير عام للديوانة عندما تم تعيينه من قبل رئيس الحكومة السابق السيد يوسف الشاهد في أوائل سنة 2018 ، وهو منصب لازال يشغله إلى حدود كتابة هذه الأسطر.

في الختام تعلم منظمة أنا يقظ أن بإمكان السيّد رئيس الحكومة هشام المشيشي الاطلاع على الوثائق و المستندات التي تحصلنا عليها في أي وقت للتحقق من صحة و جدية الشبهات المتعلقة بالوزير الذي اختار ضمه لفريقه الحكومي.

كما نذكر السيد رئيس الحكومة أنه عندما يتعلق الأمر بالتثبت من نزاهة الأشخاص المقترحين لتولي مهام عليا في الدولة، فإنّ استشارة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لا تكفي للتحقق من نزاهة او فساد أي كان بل يستدعي الأمر الكثير من التحري قصد اختيار الأشخاص الأجدر بثقة التونسيين.